يواجه الباحثون حول العالم تحدياتٍ عدة، بدءًا من الحصول على التمويل اللازم، مرورًا بإنجاز الأبحاث، وانتهاءً بالتواصل مع المجلات والدوريات العلمية لمراجعتها ونشرها. لكن يبقى التحدي الأكبر هو التواصل مع باحثين من نفس المجال للحصول على مراجعة الأقران أو مشاركة الأبحاث مع المهتمين لتقييمها. وهذا الأمر من شأنه تأخيرُ عملية النشر لعدة سنوات، مما يُسهم في عرقلة العمل البحثي وعدم قطاف ثماره في موعدها. لكن الثورة الرقمية وفَّرت طُرُقًا أفضل وأسرع لنشر الاكتشافات العلمية ومشاركة الأفكار والخِبرات بين الباحثين، ومن هذه الطرق، منصات التواصل الأكاديمية .

قليلةٌ هي المقالاتُ التي تحدثت عن منصات التواصل الأكاديمية وطرق الاستفادة منها، لكننا نقدم لك في هذا المقال نظرةً شاملةً عن أشهرها وعن نشأة كل منها وأبرز ميزاتها وطرق الاستفادة منها.

تعريف منصات تواصل الباحثين وأهميتها 

مع التطور المتسارع الذي يشهده الحقل البحثي، وانطلاقًا من الحاجة الملحّة لوجود مجتمع يضم الباحثين حول العالم من مختلف التخصصات، ظَهرت أُولى المنصات الأكاديمية للتواصل بين الباحثين عام 2007، ولاقت قبولًا كبيرًا بين الباحثين والعلماء، حيث أوجدت حلولًا لعدد من المشكلات. إذًا بالتعريف، هي منصات تواصلٍ مشابهةُ لمنصات التواصل المعروفة مثل تويتر وفيسبوك، لكنها تحتوي على ميزات مخصصة لخدمة الباحثين حول العالم.

أهم منصات التواصل الأكاديمية

ResearchGate ريسيرش غيت

ظهرت فكرة موقع ResearchGate عام 2008، عندما أدرك الباحثان Dr. Sören Hofmayer & Dr. Sören Hofmayer إن التعاون مع زميلٍ باحثٍ في الجانب الآخر من العالم ليس أمرًا سهلًا؛ فأسسا هذا الموقع بالتعاون مع عالم الحاسوب Horst Fickenscher. نال الموقع إعجاب الباحثين ولاقى إقبالًا واسعًا، يستخدمه الآنَ أكثر من 17 مليون عضوٍ من جميع أنحاء العالم.
توفر هذه المنصة – إضافة إلى الميزات المذكورة أدناه – إمكانية البحث عن وظيفة في المجال البحثي، ومشاركة المعلومات حول المشاريع البحثية التي يعمل الباحث عليها.

Academia.edu أكاديميا دوت إديو

تعتبر Academia.edu منصةً اجتماعية مخصصة للأكاديميين، لمشاركة أعمالهم البحثية. أُطلقت عام 2008 على يد البريطاني Richard Price، ومقرها في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا.
تتنوع التخصصات الموجودة على المنصة لتشمل أغلب العلوم المعاصرة، منها علوم الحاسب والصحة والهندسة والفيزياء… وتجذب هذه المنصة قرابة 52 مليون زائرٍ شهريًا، ويوجد عليها أكثر من 134 مليون مشترك، مضيفين 26 مليون ورقة بحثية.

Frontiers فرونتيرز

أُسست Frontiers عام 2007 من قبل اثنين من علماء الأعصاب من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان. تتمثل رؤيتهم في تمكين الباحثين من عملية النشر الأكاديمي والتواصل وإتاحة العلم مجانًا لصالح البشرية. تحتوي هذه المنصة على أكثر من 100 ألف باحث في أكثر من 680 تخصصًا، ومليار مشاهدةٍ وتحميلٍ للأبحاث وأكثر من مليون اقتباس.
تعتبر عملية النشر الأكاديمي من أكبر التحديات التي تواجه الباحثين، بسبب طول هذه العملية، والتي قد تستغرق شهورًا وحتى سنوات، مما يعرقل عملية البحث والابتكار. لذلك، قدمت فرونتيرز حلًا لهذه المشكلة، فهي تعتبر من أكبر الناشرين مفتوحي الوصول.
حققت فرونتيرز الكثير من الإنجازات وحصل على العديد من الجوائز، وعقد عدة اتفاقيات مع مجلاتٍ علميةٍ مرموقة مثل مجلة “Nature” و”Scientific American”، وهي عضوٌ في عدة مؤسساتٍ علميةٍ وأكاديميةٍ مرموقة، منها: اتحاد الناشرين مفتوحي الوصول ولجنة أخلاقيات النشر العلمي.

طريقة إنشاء صفحة والاستفادة من منصات التواصل الأكاديمية

عملية التسجيل في أغلب منصات التواصل الأكاديمية متشابهة وبسيطة، تقوم فقط بتزويدهم بمعلوماتك الشخصية وتخصصك وبريدك الإلكتروني. بعض هذه المنصات، تتطلب بريدًا إلكترونيًا أكاديميًا، وهي خدمة بريد إلكتروني تزودك به الجامعة أو المؤسسة البحثية التي تعمل بها، وبذلك تصبح عضوًا في المنصة.
يمكنك النقر على الروابط التالية للانتقال إلى صفحة التسجيل في كل من المنصات السابقة.

  • ريسيرش غيت سوف تختار أي نوع من الباحثين أنت، ثم اسم المؤسسة والقسم الذي تعمل به، ثم معلوماتك الشخصية وبريدك الإلكتروني الأكاديمي. 
  • أكاديمية دوت إديو لن تحتاج أكثر من إضافة بريدك الإلكتروني واسمك وكلمة سر.
  • فرونتيرز عملية التسجيل فيها بسيطة – نفس المعلومات السابقة – لكن إن أردت نشر بحثك فعليك الاطلاع على شروط ومعايير النشر فيها.

استخدامك لهذه المنصات أو أحدها يضمن لك الاستفادة من الميزات الكثيرة التي تقدمها، ونذكر منها:

  • يمكن للباحث إنشاءُ ملف تعريفٍ خاصٍ به على هذه المنصات، يحتوي على تخصصه ومؤهلاته ومعلوماته الشخصية وطرق التواصل معه.
  • تمكنك من رفع ومشاركة الأوراق المنشورة باسمك أو تلك التي شاركت في إعدادها أو مراجعتها.
  • تُمكنك من البقاء على تواصلٍ مع الباحثين والمتخصصين في مجالك ومتابعتهم للاطلاع على الاكتشافات العلمية والأعمال المنشورة حديثًا؛ مما يسرع وصول الأعمال الجديدة وانتشارها في الوسط العلمي.
  • تعرض هذه المنصات عدد مرات القراءة ومعدل الاقتباس للأوراق والأبحاث المنشورة، مما يساعد في معرفة جودة هذه الأبحاث والدوريات العلمية المنشورة فيها وقياس أثرها.
  • لأن التعاون بين الباحثين مسألةٌ غايةٌ في الأهمية، توفر هذه المنصات مساحةً للنقاش وتبادل الآراء ووجهات النظر بين مختلف الباحثين. مما يوفر بيئة مثالية لطرح أسئلتك واستفساراتك حول الموضوعات التي تعمل عليها.

تطبيقات خاصة بمتابعة آخر الأبحاث

من الأهمية بمكان بقاء الباحث على اطلاع بمستجدات العلم في تخصصه الدقيق. وساعد في ذلك ظهور بعض التطبيقات المفيدة على الهواتف الذكية، نذكر أبرزها:

  • Researcher app: تختار فيه تخصصك واهتماماتك البحثية والمجلات التي ترغب بمتابعتها، حيث يرسل لك تنبيهات عند صدور أي ورقة علمية. رابط تحميله للأندرويد من هنا.
  • Scopus Discovery: وهو من تطوير Elsevier. مشابه للتطبيق السابق، يبقيك مطلعًا على كل جديد في مجالك، ولكنه يتميز بخوارزميات برمجية تستطيع تتبع اهتماماتك وترشيح مقالات تناسبك تمامًا.

 

رسمت وسائل التواصل الاجتماعي شكلًا جديدًا للعصر الحالي، فغيرت طريقة التواصل بين الناس والتفاعل مع المحتوى. لذلك، ليس من المستغرب أبدًا أن تغير منصات التواصل الأكاديمية – والتي تعد فرعًا من فروع وسائل التواصل الاجتماعي – طريقة النشر الأكاديمي مستقبلًا وأن ترسم شكلًا جديدًا للتواصل العلمي. وهذا يعود بالتأكيد للأثر الكبير الذي أحدثته على سرعة انتشار العلوم، خصوصًا في ظل الأزمة الصحية الحالية (كوفيد-19) والحاجة المتزايدة لتشارك المعرفة والخبرات على المستوى العالمي.