النظام التعليمي الطبي في بريطانيا متميز ويعتبر الأفضل أو من الأفضل تقريبًا على مستوى العالم. الطالب تتم متابعته وتقييمه بشكل مستمر خلال مختلف سنوات التخصص من قبل استشاريين أكاديميين متخصصين، ولكن لكل هذا ضريبة هي كثرة الامتحانات وإمكانية التعثر عند أي خطوة في المسار التعليمي الذي يسلكه الطالب.
هذا بالإضافة إلى أن مسار التخصص الطبي بشكل عام يعد طريق طويل على الطالب سواء البريطاني أو الأوروبي، ويعد أطول على الطالب غير الأوروبي نظرًا للحاجة لتعديل الشهادة ولصعوبة تأمين القبول في كل مرحلة من مراحل التخصص.
في هذا الموضوع سنتعرف على مراحل التخصص التي يمكن أن يمر بها الطبيب في بريطانيا وخطوات المعادلة للشهادة هناك بالتفصيل.
التخصص الطبي في بريطانيا
التخصص على مراحل أولها هي مرحلة السنتين التأسيسيتين الأولى والثانية ويعرفان بـ FY1 & FY2.
في هاتين السنتين التأسيسيتين يتنقل الطالب بين عدة أقسام في المشافي كالداخلية والجراحة والطب النفسي وطب الأسرة وغيره، والغرض هنا هو تأسيس الطبيب في مبادئ الطب قبل أن يبدأ في التدريب التخصصي.
بالنسبة للطالب البريطاني يدرس أربع أو خمس سنوات في كلية الطب وهو مجبر على اجتياز السنتين التأسيسيتين قبل التقدم لأي تخصص فرعي، أما الطالب غير البريطاني فقد يكتفي بالسنة التأسيسية الثانية FY2 إن كانت شهادته تشتمل على سنة أو فصل من التدريب السريري العملي.
بموجب القانون الساري حاليًا، الأولوية في كل مقعد للعمل أو التخصص هي دائمًا للمتقدم الذي يحمل حق العمل. هذه السياسة تسمى “حماية سوق العمل المحلي” وهي باختصار تلزم المشافي والأقسام بعدم تعيين أي طبيب غير حامل لحق العمل حتى يثبت المشفى للجهات المسؤولة أنه لم يتقدم للشاغر أي متقدم كفء حامل لحق العمل.
من يحمل حق العمل؟
بالنسبة للمواطن البريطاني فهو يحمل حق العمل تلقائيًا، وكذلك الأمر بالنسبة المواطن الأوروبي.
أما المواطن غير الأوروبي، فهو عمومًا لا يملك هذا الحق، وهناك طرق قليلة فقط لتجاوز هذه المعضلة والحصول على حق العمل في بريطانيا، منها أن يكون الشخص حاملًا لحق اللجوء في بريطانيا، أو أن يكون متزوجًا من مواطن بريطاني أو من الاتحاد الأوروبي مقيم في بريطانيا، أو في حال كان يدرس ماجستير أو دكتوراه في السنة السابقة لتقدمه للتخصص. هذه الأمور هي أهم الطرق المتاحة حاليًا للحصول على حق العمل في بريطانيا.
من يحمل حق العمل يمكنه المنافسة على مختلف التخصصات بشكل عادل، أم من لا يحمل حق العمل فليس لديه خيارات كثيرة سوى التقدم للمقاعد المتبقية في التخصصات غير التنافسية، كطب الأسرة والطب النفسي والإسعاف وأحيانًا بعض تخصصات الطب الداخلي.
مسارات التدريب والتخصص
مسارات التدريب طويلة بشكل عام، ولكنها تختلف بعض الشيء من تخصص لآخر، على سبيل المثال:
طب العيون
سنة أو سنتين تأسيسيات ثم 7 سنوات تدريب متواصلة.
الجلدية
سنة أو سنتين تأسيسيات، ثم سنتين داخلية (أو ثلاثة على النظام الجديد)، ثم أربع سنوات جلدية.
طب الاسرة
سنة أو سنتين تأسيسيات ثم ثلاث سنوات من التدريب.
القلبية
سنة أو سنتين تأسيسيات، ثم سنتين داخلية، ثم ثلاث سنوات تدريب القلبية العام، ثم سنتين تدريب القلبية التخصصي (مثل الزمالة).
الطب النفسي
سنة أو سنتين تأسيسيات، ثم 3 سنوات طب نفسي عام، ثم 3 أو 4 سنوات تدريب معمق وزمالة في الطب النفسي.
معادلة الشهادة في بريطانيا
يتطلب تعديل الشهادة ثلاث خطوات متسلسلة بشكل إلزامي ولا يمكن القيام بخطوة قبل الانتهاء من الخطوة السابقة، وهذه الخطوات بالترتيب على الشكل التالي:
امتحان مستوى اللغة
وطبعًا المقصود هنا اللغة الإنكليزية، هو إما اختبار IELTS أو OET، والأخير يعد أكثر سهولة من الأول وكان قد أصبح مقبولًا منذ مدة وجيزة فقط كبديل للايلتس.
امتحان البلاب الأول النظري PLAB 1
اختيار من متعدد في السريريات فقط، وهو أسهل من الاختبار الأمريكي المعروف بـ Step 2، هذا الامتحان يجري 4 مرات في العام، منها مرتان فقط في المراكز العالمية لهذا الامتحان (خارج بريطانيا) والمرتين المتبقيتين ضمن بريطانيا.
امتحان البلاب العملي PLAB 2
سهل ويجري في داخل بريطانيا فقط.
متى ما أتم الطبيب هذه الخطوات صار بإمكانه التقدم للتسجيل كطبيب للعمل في بريطانيا، والتقدم لفرص وعروض العمل المختلفة.
إذ بإمكان المتخرج مثلًا التقديم لمقاعد السنة التأسيسية المناسبة له، وتطوير سيرته الذاتية وتحضير ملفه للمنافسة على التخصص الذي يطمح له.
ما إذا عن إيجاد مقعد عمل للسنة التأسيسية؟
عمليًا وبعد تعديل الشهادة، فإن إيجاد مقاعد العمل في السنة التأسيسية حاليًا لا يعتبر بالأمر الصعب حتى لمن لا يملك حق العمل، لذلك تجد الكثير من الأطباء الشباب من الهند والسودان ومصر يأتون للعمل في بريطانيا كطبيب في مرتبة سنة تحضيرية (قد يستمر في هذه الوظائف لسنوات لكنه لا يترقى في الهرم الوظيفي والتخصصي). الصعوبة الحقيقية هي في الخطوة اللاحقة، أي في تحصيل القبول في التخصص المنشود، لذا يلجأ الكثيرون لدراسة ماجستير أو دكتوراه لكي يحظى بعد ذلك بفرصة دخول سوق العمل دون قيود (بموجب الاستثناءات التي ذكرناها في الأعلى).
ماذا بعد السنتين التأسيسيتين؟
إذا أنهى الطالب السنتين التأسيسيتين وحصل على حق العمل يصبح التنافس على التخصص بعدها قائمًا على معطيات موضوعية أخرى مثل سيرته الذاتية، أبحاثه، رسائل التوصية، المقابلات الشفوية وما إلى ذلك.
ميزة شهادة التخصص البريطانية الأولى هي جودة التدريب والثانية أنها تعتبر معادلة بشكل شبه تلقائي للتخصص في كندا وأستراليا ونيوزيلندا وإيرلندا وسنغافورة وسويسرا وباقي دول أوروبا بالتأكيد، وبالتالي تفتح أمام الطبيب فرص وأبواب العمل في بيئات أكاديمية ومهنية عدة.
أما العيب في الأمر إذا صح القول هو تعقيد النظام وطول مدة التدريب وصعوبة الفيـزا.
بشكل عام بريطانيا قد تكون خيارًا رائعًا لمن يحلم بطب الأسرة أو الطب النفسي مثلًا، أو لمن يرغب في الاستقرار فيها لأسباب شخصية، أو لمن يرغب أن يصبح متميزًا في تخصص جراحي تعليمه ضعيف في البلدان الأخرى بشرط امتلاكه – والحديث هنا عن الطبيب – نفس طويل وقدر من الصبر لأن الموضوع سيستغرق بالتأكيد سنوات طويلة نسبيًا.
هذا كان كل ما يخص دراسة الطب والتخصص في بريطانيا والمسار المهني والأكاديمي الذي يخضع له الطبيب هناك، أخيرًا هذه بعض المصادر المفيدة للأطباء والطلاب الذي يرغبون باستكمال دراستهم أو تخصصهم هناك.
اقرأ أيضًا:
- رحلة الطبيب للتخصص ومزاولة المهنة في ألمانيا
-
الدراسة في بريطانيا – الدليل الكامل للدراسة والحياة هناك